الجمعة، نوفمبر ٢٣، ٢٠٠٧

منزل الطحن


"كوكب الرعب" و "ضد الموت" بالتأكيد فيلمان غير عاديان لمخرجان استثنائيان "كونتن ترنتينو و روبرت رودريجوس " , فمن منا لا يتذكر هذا النوع من السينمات التي كان يطلق عليها احد أصدقائي فيما مضي سينما المراحيض بال وأنة من باب المزاح قد وضع لها نوع من أنواع التسعير الطريف , كتذكرة مرحاض بكمبنشن 5 جنيها , مرحاض شطافة بدون كمبنشن 3 جنيهات , مرحاض بدون شطافة 2 جنية , فكانت تنتشر تلك السينمات في مناطق يتكاثف فيها الباعة الجائلين والسريحة , فنجد واحدة في ميدان الجيزة أسفل الكوبري وأخري في منطقة الاظوغلي عند سوق النصرية تسمي نيوستار وأخري في وسط البلد بالعتبة وبالتأكيد في مناطق أخري لا اعلمها , فكانت تلك السينمات تعطيك الحق بمشاهدة كوكتيل من الأفلام قد يمتد علي مدار اليوم بتذكرة واحدة فقط او مشاهدة نفس الفيلم في الحفلات المتتالية وحتى انتهاء اليوم , ويكون هذا الكوكتيل من الأفلام القديمة أو رخيصة الصنع "المقاولات" Exploitation films

, ليأتي هذان المخرجان ألان ويصنعان هذان الفلمان تخليداً لذكري هذا النوع من السينمات الذي انقرض واندثر بسبب قنوات الكابل والستلايت المتخصصة بالافلام , فَأفلا تجدونة معي إخلاص قل نظيرة وتفاني ندر وجودة , لمؤسسات قد تركت أثارها كالوشم في وجدان محبيها ومُريديها , ولكن للأسف لم احصل علي هذا الوشم لأني لم الحق عصرها فانا من مواليد منتصف الثمانينات , ففي عصرها الذهبي هذا كنت مازلت طفلٌ بريءٌ , ولكن بالتأكيد لم يفتني كل المرح فلقد كنت أشاهد أفلام المقاولات تلك في بداية التسعينات عبر الفيديو , امثال فيلم كونان المدمر وكونان البربري و Shaft و Lone Wolf and Cub و Shogun Assassin ومدينة الموتى الأحياء ومحرقة الموتى الأحياء

فأنا من جيل ثقافتة كانت "الفيديو كاسيت" حسننا ليست كلها الفيديو كاست بال كوكتيل يبدأ من صخر AX170 والوحش اتاري 2600 ونيتندو فاميلي كومبيوتر وسوبر نتندو ثم نتندو 64 "اةةة ذكريات"مرورا ًبالستلايت في منتصف التسعينات وحتى الانترنت

وبالتأكيد مصر لم تخترع هذا النوع من السينمات بال تم استيرادها من الخارج وبالتأكيد من الولايات المتحدة حيث يطلق علي هذا النوع هناك Grind house أو منزل الطحن حيث نشأ المصطلح وترعرع في السبعينات من القرن الماضي وقد تم استخدام هذا المصطلح لأنة وكما قلنا سابقا يتم تقديم كوكتيل من الأفلام بتذكرة واحدة ,فكان هذا يتطلب إنتاج كثيف من أفلام الدرجة الثانية B Movies والثالثة C Movies بحيث يتم طحن كل تلك الأفلام في دور العرض من قبل المشاهدين بتذكرة واحدة , بالظبط كطحن الفشار والتسالي أثناء المشاهدة , وكانت تلك الأفلام في الأصل تصنع لسينما السيارات كنوع من أنواع الحشو بعد العرض الرئيسي بها, وبما أنة لا توجد سينما السيارات في المدن الكبرى والضخمة تقريباً لندرة الأراضي الفضاء بها, فظهر هذا النوع من السينمات ليستوعب هذا النوع من أفلام الدرجة الثانية والثالثة وحتى الرابعة كفيلم "الخطة 9 من الفضاء الخارجي" والمصنف كأسوأ عمل سينمائي علي مر التاريخ إخراج "إد وود"

وبمناسبة الحديث عن أفلام المقاولات لا يجب ان ننسي ذكر أفظع فيلم قد تشاهدة في حياتك كلها ألا وهو Cannibal Holocaust أو محرقة أكلي لحوم البشر , فقد اتصل بي احد أصدقائي حينما كنت بالمرحلة الثانوية , ليخبرني أنة قد حصل علي فيلم من اغرب وأشنع الأفلام التي قد تصادفك في حياتك , واخذ يقص علي بأنة فيلم حقيقي وقد تم تسريبة من أجهزة الأمن الإيطالية وأنة عبارة عن فلم شخصي لمجموعة من المراهقين قد ذهبوا في رحلة الي الامزون مصطحبين كاميرا لتسجيل أفضل لحظات الرحلة ومن ثم واجة المراهقون قبائل الامزون المشهور عنها أكل لحوم البشر , وبدأت شرارة الرعب حينما أثار المراهقين أفراد القبيلة بأفعالهم الغير مسؤلة فأنتقمت منهم القبيلة بأكلهم أحياء ولم يتبقى سوي الكاميرا لتشهد علي ذلك بعد أن تم العثور عليها لاحقاً, شاهدت الفيلم وفعلاً اعتقدت لمدة ثلاث سنوات أن الفيلم حقيقي من شدة ذهولي علي ما يحوية من فظائع واقعية لا يمكن أن تتخيل أنها زائفة أبداً ,والجدير بالذكر أن مخرج الفيلم "ريجيرو ديوداتو" قد ذهب إلي المحكمة أكثر من مرة لكي يثبت لها أن أحداث الفيلم زائفة وليست حقيقية وفي النهاية قد تم مصادرة الفيلم بعد10 أيام من عرضة لوجود بعض المشاهد الحقيقية لقتل حيوانات وهناك زعم بأنة قد تم منع عرضة في أكثر من 50 دولة, والي أن شاهدت الفيلم علي احدي القنوات الفضائية الأوروبية المتخصصة بالأفلام بدأت رحلة البحث عن اصل وفصل الفيلم لأنة من غير المنطقي أن تعرض قناة رسمية فيلم كهذا علي أساس أنة مهرب من الدوائر الجنائية الإيطالية , لاكتشف بعد ذلك أنة فيلم روائي غير تقليدي من حقبة أفلام ألgrind house فكان الأب الروحي للفيلم سلسلة أفلام face of the death "نصيحة شخصية ,هذا الفلم سيترك اثر كئيب في نفسك فلا تشاهدة " فهي جزء من أفلام الموندو ""mondo الوثائقية المؤسفة والتي تعتمد علي صنع صدمة لدي المشاهد لتصنع لها مكانة علي الساحة السينمائية

نعود مرة أخري إلي موضوعنا, فما سبق هو مقدمة تاريخية لابد منها, فنجد أن المخرجان قد صنعا دويتو مزدوج او "douple feature" من تلك الأفلام والتي قد تتميز بسطحية القصة والكثير من الدماء والأحشاء المتناثرة هنا وهناك حيث انك في بعض الأحيان قد لا تجد قصة أصلاً , فقط هي فكرة بسيطة جدا وفي كثير من الأحيان جنونية جدا , فنجد أن معظم أحداث ضد الموت أو death proof تدور في قالب يشبة كثيرا برامج الواقع , حيث نجد حوارات الممثلين معظمة لا يهدف إلي شيء فقط تسلية وقتل للوقت علي طراز big brother , فقط يجذبك الحوار لأنك تظن أنة مألوف لديك أكثر من ألازم , نجد في فيلم ضد الموت أن الحوار بين الممثلين قد استهلك أكثر من 80 % من الفيلم , ومعظمها حوارات شخصية لن تستفيد الحبكة الدرامية منها بمليم واحد, فقط هي حوارات جذابة لا أكثر ولا اقل , لا تهدف إلي توصيل معلومات ,ومع التركيز علي أحداث ليست ذا شأن ,قد تعتقد في البداية ان التركيز يهدف إلي توصيل رسالة ما ولكن بعد ذلك تكتشف أنها فقط لإعطاء انطباع الواقعية المجردة !! وهو أمرٌ لطيف حقاً "يشبة تكنيك يوسف شاهين بعض الشيء " حيث يهدف إلي كسر كل المألوف والمتوقع من الأفلام التقليدية , ليكون من الممكن أن تجد الشخص الشرير قد مات ليس بالطبع علي يد البطل بال علي يد لوحة إعلانية قد سقطت علية قضاءً وقدراً وهو يسير في الشارع , وهو ما قد يحدث في الواقع حقاً ! فكم من الأشرار يموتون كل يوم قضاءً وقدراً لعدم وجود أبطال !!

أنا لن أتحدث عن أحداث الفيلمين التفصيلية لكي لا احرقها لكم , ولكني سأعلق علي بعض التكنيكات والجدير بالذكر هنا انة في النصف الثاني من ضد الموت كان يجب ان يضيف ترنتينو علامتة المائية المميزة علي الفيلم فكانت هناك لقطة مدتها 7 دقائق كاملة وهو الحوار ما بين الاربع فتيات علي المائدة في الكوفي شوب,وهذا في عُرف السينما شيء مميز للغاية حيث نجد ان المشهد الواحد يتكون من لقطات كثيرة جدا وقصيرة جدا تتراوح ما بين ثانية واحدة الي دقيقة علي اقصي تقدير , ونجد تكنيك بهدلة الفيلم المستخدم في كلا الفيلمين كاستخدام رودريجوس في كوكب الرعب التقطيع في الصورة للدلالة علي مونتاج الفيلم الرديء لانهم قديما في عصر المونتاج الخطي "SPLICING" كان يحدث المونتاج بالقص واللصق لنيجاتيف الفيلم فتحدث الأخطاء بعدم اللصق الجيد لأطراف المشاهد فيحدث تساقط لبعض الفريمات ,وللمعلومية كان رواد جيل المونتاج الخطي يطلق لفظ لصق او glue علي الربط الرديء اما الربط الجيد فكان يطلق علية ربط اسمنتي ,وأيضا التحبيب grain والخدوش للدلالة علي الطباعة الرخيصة للفيلم وكأنهم طبعوا الفيلم في مصنع اسمنت أو في عراء الصحراء الكبرى! , وأيضا الوميض المتقطع أو الflicker وهو نتيجة عدم الاهتمام بتصحيح الألوان للنيجاتيف أو بالأحري عدم تظبيط الwhite balance

وايضا استغلال تلك التأثيرات وتوظيفها مع مشاهد الإثارة , كمثال مشهد حقن الدكتورة" داكوتة" ل "جو" المصاب بالعدوى بالمخدر الأحمر لنجد لحظة وخذة بالإبرة قيام المخرج بإضافة تأثير احتراق أطراف النيجاتيف بسبب الضوء أثناء التحميض ليزيد من جرعة الإثارة بصورة غير مباشرة ولكنها فعالة جدا , أو كما فعل حينما وقعت عين الشرطي لأول مرة علي احد المشوهين الأشرار بجانب مقطورة محركها يزمجر ليفعل المخرج في مقدمة المقطورة تشوية في الصورة شهير كان يحدث في تلك النوعية من الأفلام بسبب أخطاء في التحميض وهو ما يطلق علية علي ما اعتقد inner-shifting للدلالة علي وحشية المشهد بطريقة ملعوبة جدا .

اضغط علي الصورة لتشاهد الحركة

ففي النهاية دائما ستجد غير المألوف والعادي عند كل من روبرت رودريجوس وكونتن ترنتينو , ليضيفوا بذلك مدرسة جديدة بدون مبالغة إلي مدارس الفن السابع قد تعجب البعض وقد لا تعجب البعض الأخر ولكنها بالتأكيد علامة مميزة في تاريخ هذا الفن

وبالمناسبة لم يعرض الفيلمان في السينمات المصرية وبصراحة لا اعلم هل كان للرقابة دور في ذلك أم أنة فقط عدم اهتمام الموزعين لدينا بالفلمين لطرازيهما الفريد والغير مألوف علي الجمهور المحلي ,

وأيضا قد دخل الفيلمان تصنيف موقع IMDB لأفضل 250 فيلم عبر التاريخ بتصويت 60 ألف شخص

وكفاية كدة بقة انا تعبت من الكتابة , سلام

هناك ٣ تعليقات:

غير معرف يقول...

ياةةة فكرتني بأيام زمان ,فاكر الطيرات في الاتاري؟
ومين ينسلهم sin city و kill bill

the shadow يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
the shadow يقول...

ههههههه يني انا وصلت في الطيرات لرتبة جنرال , انت فية اية يبني (: